ذكر نبوة يوشع
ذكر نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون عليهما السلام.
هو الخليل يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون: يوشع ابن عم هود.
وقد
ذكره الله تعالى في القرآن غير مصرح باسمه في قصة الخضر كما تقدم من قوله:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ}
و قد ثبت في الصحيح من رواية أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أنه يوشع بن نون.
وهو
متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة، لا يقرون
بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به في التوراة، ويكفرون بما
وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم من ربهم فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى
يوم القيامة.
وعلى كل تقدير فالذي عليه الجمهور: أن
هارون توفي بالتيه قبل موسى أخيه بنحو من سنتين، وبعده موسى في التيه
أيضاً، كما قدمنا. وأنه سأل ربه أن يقربه إلى بيت المقدس فأجيب إلى ذلك.
فكأن
الذي خرج بهم من التيه، وقصد بهم بيت المقدس، هو يوشع بن نون عليه السلام.
فذكر أهل التاريخ، أنه قطع ببني إسرائيل نهر الأردن وانتهى إلى أريحا،
وكانت من أحصن المدائن سوراً وأعلاها قصوراً، وأكثرها أهلاً، فحاصرها ستة
أشهر.
ثم إنهم أحاطوا بها يوماً وضربوا بالقرون - يعني الأبواق -
وكبروا تكبيرة رجل واحد، فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة، فدخلوها وأخذوا ما
وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا اثني عشر ألفاً من الرجال والنساء، وحاربوا
ملوكاً كثيرة ويقال إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكاً من ملوك الشام.
وذكروا
أنه انتهى محاصرته إلى يوم جمعة بعد العصر، فلما غربت الشمس أو كادت تغرب،
ويدخل عليهم السبت الذي جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان، قال لها: إنك
مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليَّ فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح
البلد، والمرجح - والله أعلم - أن هذا كان في فتح بيت المقدس الذي هو
المقصود الأعظم، وفتح أريحا كان وسيلة إليه، والله أعلم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس"
وفيه
دلالة على أن الذي فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام، لا موسى،
وأن حبس الشمس كان في فتح بيت المقدس لا أريحا كما قلنا. وفيه أن هذا كان
من خصائص يوشع عليه السلام