من الآيات المحكمة قوله تعالى (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ،
أمّا قوله (الرَّحْمـنِ ) يعني تعمّ رحمته المؤمن والكافر في دار الدنيا (الرَّحِيمِ ) تخصّ رحمته المؤمنين ولا تشمل الكافرين وذلك يوم القيامة ، فلفظة رحمان عامّة ولفظة رحيم خاصّة
(مَـالِكِ ) أي يملكني ويتصرّف فيّ كيف يشاء في ذلك اليوم ولا يملك أمري غيره ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الانفطار {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } . (يَوْمِ الدِّينِ ) أي يوم الجزاء ، يقال في المثل "كما تدين تدان" ، يعني كما تفعل تُجازى
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) والمعنى نخصّك بالعبادة ولا نعبد سواك ونَخصّك بالاستعانة ولا نستعين بغيرك . ولا تجوز الاستعانة بغير الله 1
(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ) والمعنى وفِّقنا إلى طريق التوحيد الذي يسلك بنا إلى طريق الجنة في الآخرة
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ) أي ذلك الطريق الذي سلكه أنبياؤك وأولياؤك الذين أنعمت عليهم بدخول الجنة ، وهذا كقوله تعالى سورة النساء {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} يعني أنعم الله عليهم بدخول الجنة .
والهداية هدايتان الأولى في الدنيا وهي طريق التوحيد وطريق الصلاح ، والثانية في الآخرة وهي الهداية إلى طريق الجنة ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة يونس {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ، يعني يهديهم إلى طريق الجنة بسبب إيمانِهم بالله وبمحمد رسول الله ، (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ) وهم اليهود الذين أشركوا بالله وعبدوا العجل فغضب الله عليهم ، (وَلاَ الضَّالِّينَ ) وهم النصارى الذين ضلّوا عن طريق الحقّ فق
ا إنّ الله ثالث ثلاثة 2 ، والمعنى ولا تهدنا إلى طريق جهنّم الذي يسلكه الكافرون والمعاندون الذين عرفوا الحقّ وصدّوا عنه تكبّراً وعناداً فغضبت عليهم بسبب كفرهم وإشراكهم . والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً . إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} ، ومعنى الآية السابقة [في سورة الفاتحة] : إجعلنا مِمّن حسنت أعمالهم فيكون مصيرهم الجنة ، ولا تجعلنا مِمّن ساءت أعمالهم فيكون مصيرهم النار .