مقدّمة الطبعة الثالثة
بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم
الحمد لله الملك الغفّار ، الذي له مقاليد السماوات والأرض وهو يجير ولا عليه يجار ، وبهِ نستعين وعليه نتوكّل وهو وليّ الصالحين والأبرار ، نحمده حمداً كثيراً لما هدانا ووفّقنا لسبيلٍ يقينا من النار .
أمّا بعد .. فمرّةً أخرى وبفضلٍ من الله وحسن تدبيره تخرج إلى النور الطبعة الثالثة من كتابنا (الكون والقرآن) ، ولا يسعني بهذه المناسبة إلاّ أن أقدّم اعتذاري وأسفي الشديدين إلى أعزّائي القرّاء الذين كانت لهفتهم قويّة ورغبتهم ملحّة ومتزايدة على مرّ الأيّام في طلب نُسخ من هذا الكتاب في
قت الذي كنت عاجزاً عن تلبية رغبتهم هذه ... ولا أخفي على قرّائي الكرام من أنّني قد استنفذت كلّ ما أملك من مال وعقار في سبيل الدعوة إلى الله من خلال مؤلّفاتي الّتي اتّسمت بنهجها العلمي والعقلي وبما تميّزت بهِ من وضوح وفهم وحقيقة ، ولكنّ إقبال الناس على هذه المؤلّفات وتزايد الطلب عليها كانا أكبر من إمكانيّاتي المادّية فتعثّر موضوع طباعتها وما زال الأمر كذلك حتّى هيّأ الله سبحانه وتعالى لهذا الكتاب شابّاً مؤمناً محسناً أحبّ الله فأحبّه الله فهداه فتولّى طباعة هذا الكتاب على نفقته الخاصّة فجزاه الله خير الجزاء ...
وبِهذه المناسبة أيضاً فإنّي أهيب بكل الذين لديهم إمكانيّات مادّية وكذلك دور الطباعة والنشر داخل القطر وخارجه وكلّ محسن يريد ويرجو ثواب الآخرة أن يتقدّم لطبع أيّ كتاب من مؤلّفاتي المعروفة والمثبّتة أسماؤها في نهاية هذا الكتاب وسيجدني إن شاء الله متسامحاً كريماً معه لا أبتغي من وراء ذلك مالاً ولا جاهاً إلاّ رضوان الله تعالى .
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
محمّد علي حسن الحلّي
13 صفر 1398 هِج
تقريض
وافى البشيرُ منادياً بمؤلَّفٍ ضمّت صحائفُه البيانَ منسَّقا
كَشَفَ المصنِّفُ فيهِ سترَ حقائقٍ كانت مخبّأةً فصارَ مصدِّقا
فَسَما بهِ فوقَ السَّماكِ مُباهياً ورَقا بهِ العَليا فَنِعمَ المُرتَقَى
ولِمُحكَماتِ الذِّكرِ جاءَ موضِّحاً مستنبِطاً ما خاضَ سِفراً واسْتَقى
إن أشغَلَ الغربُ المراصِدَ باحِثاً وأجالَ طَرْفاً في الفضاءِ وحَدَّقا
فَمحمّدٌ أوحى إليهِ جنانُهُ وبِثاقِبِ الرأيِ اسْتَطالَ وحَلّقا
فَأراهُمُ أنباءَ ما كانُوا بِهِ يَستهزِؤونَ وبِالدّلائلِ حَقّقا
لا يَبتغي نَشَباً ولكنْ خِدمةَ الأوطانِ والحسَناتِ يومَ المُلتَقى
هذي دلائلُ فَضلِهِ أرّخْتُهُ فَالكونُ والقرآنُ بُرهانُ التُّقى
187 389 258 532 = 1366
مرتضى آل وهّاب – كربلاء
تَمهيد
كنت أسكن في الحلّة التي هي لواء من ألوية العراق ، ولي حانوت في الشارع العام في الجانب الكبير قرب المدرسة المتوسطة للبنين ، ومهنتي فن التصوير ،فكان أكثر تلاميذ المتوسطة والثانوية يأخذون عندي تصاويرهم التي يحتاجون إليها لشهاداتِهم ، وكنت أسمع من بعضهم كلمات إلحاد وكفر فيسوءني ذلك ويؤلمني ، وكان بعضهم يسأل عن آيات متشابهات من القرآن مستهزئاً بِها ، وما ذلك إلاّ لجهلهم بالقرآن وعدم معرفتهم بتفسيره ، وإليك بعض تلك الأسئلة .
س: درسنا في المدرسة بأنّ السماء هي الفضاء وليس فوقنا طبقات مادّية صلبة ؛ إذاً كيف يقول الله تعالى : {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا . وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} سورة نوح 15-16 ؟
س: درسنا بأنّ المطر بُخارٌ يرتفع من الأرض ثمّ ينزل مطراً بسبب برودة الجو؛ إذاً كيف يقول الله تعالى {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ...إلخ } سورة الرعد : 17 ؟
س: درسنا بأنّ الشمس ثابتة والأرض تدور حولَها ؛ إذاً كيف يقول الله تعالى : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} سورة يــس : 38 ؟
فكانت أسئلتُهم من هذا القبيل ، فوددتُ أن أصنّف كتاباً في هذا الموضوع فيكون ردّاً على الملحدين وهادياً للجاهلين ، فسألتُ اللهَ أن يساعدني على تأليف هذا الكتاب ، ويرشدني إلى طريق الصواب ، فجاهدتُ في الله بقدر إمكاني ، فوفّقني لخدمته وهداني ، كما قال تعالى في كتابه المجيد : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} سورة العنكبوت : 69 ، فأحمده إذ أعطاني الخير الكثير وسهّل لي كلّ عسير .
محمّد علي حسن الحلّي